في تطور يثير الذعر والإثارة معاً بين المستثمرين والمستهلكين، يواصل الذهب في مصر مسيرته الصعودية الجارفة، مسجلاً ارتفاعاً قياسياً يدفع الأسعار إلى مستويات لم يسبق لها مثيل.
اليوم الأربعاء 8 أكتوبر، شهد سوق الصاغة المصري تحولاً دراماتيكياً، حيث قفز سعر جرام الذهب عيار 21 – العيار الأكثر شعبية بين المصريين – إلى 5400 جنيه مصري، بزيادة قدرها 70 جنيهاً عن اليوم السابق.
هذا الارتفاع الذي يتجاوز 1.3% يعكس حالة من التوتر الاقتصادي العالمي، حيث أصبح الذهب ملاذاً آمناً للكثيرين وسط تقلبات أسعار العملات والتضخم المتصاعد. وفقاً لآخر التحديثات من نقابة التجار الذهبيين، بلغ سعر جرام الذهب عيار 24 – النقي تماماً – 6165 جنيهاً، بارتفاع 80 جنيهاً، بينما سجل عيار 18 4680 جنيهاً للجرام، مع زيادة مماثلة. أما الجنيه الذهب، الذي يزن 8 جرامات من عيار 21، فقد وصل إلى 43200 جنيه، مما يجعله خياراً مفضلاً للادخار التقليدي.
هذه الأرقام ليست مجرد أرقام؛ إنها قصة عن جيوش من الأسر المصرية التي ترى في الذهب درعاً ضد الانهيار الاقتصادي، خاصة مع اقتراب موسم الأعياد والزفاف، حيث يتوقع الخبراء زيادة الطلب بنسبة 20% على الأقل.
ما الذي يدفع هذا الإعصار الذهبي؟ يعود الأمر أساساً إلى الارتفاع العالمي في أسعار الأوقية الذهبية، التي اخترقت حاجز 3950 دولاراً أمس، مدعومة بضعف الدولار الأمريكي أمام الين الياباني وتوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
محلياً، يلعب سعر صرف الجنيه دوراً حاسماً؛ فمع استقرار الدولار عند 48.5 جنيه في البنوك، ينعكس أي تقلب دولي مباشرة على السوق المصري. كما أن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، إلى جانب مخاوف من ركود اقتصادي عالمي، تدفع المستثمرين إلى الهرب نحو الذهب كأصل آمن.
في الأسابيع الماضية، شهدنا قفزات متتالية: من 5000 جنيه لعيار 21 في سبتمبر، إلى 5330 جنيه يوم الثلاثاء الماضي، وها نحن نشهد اليوم ذروة جديدة. لكن هل هذا الصعود المتسارع نذير شؤم أم فرصة ذهبية؟
الخبراء ينقسمون: بعضهم يحذر من فقاعة قد تنفجر إذا هدأت الأسواق العالمية، بينما يرى آخرون فيه دعوة للاستثمار الفوري قبل أن يتجاوز عيار 21 حاجز 5500 جنيه الأسبوع المقبل. في سوق خان الخليلي بالقاهرة، يصف التجار اليوم بـ”يوم النار”، حيث ازدحم المحلات بالزبائن الذين يبحثون عن صفقات سريعة، بينما يتجنب آخرون الشراء خوفاً من مزيد من الارتفاع.
ومع ذلك، يؤكد خبراء الاقتصاد أن الذهب يظل الخيار الأمثل للحفاظ على القيمة في ظل التضخم الذي يقترب من 15% في مصر. في الختام، يبدو أن قصة الذهب في مصر اليوم ليست مجرد أرقام، بل رمز للقلق الاقتصادي والأمل في الاستقرار.
مع اقتراب نهاية العام، يترقب الجميع ما إذا كان هذا الإعصار سيستمر أم يهدأ، لكن شيئاً واحداً مؤكد: الذهب لم يعد مجرد مجوهرات، بل سلاحاً في معركة البقاء المالي. إذا كنت تفكر في الاستثمار، فالوقت قد يكون الآن… أو ربما غداً، قبل أن يصبح أغلى!