تشهد أوروبا موجة إنفلونزا مبكرة غير مسبوقة بسبب المتحور K من فيروس H3N2، المعروف بـ”سوبر إنفلونزا” لسرعة انتشاره وشدة أعراضه، حيث يشكل نحو 50% من حالات H3N2 في الاتحاد الأوروبي، وفقاً لتقرير المركز الأوروبي للوقاية والسيطرة على الأمراض (ECDC) الصادر في نوفمبر 2025.
هذا الانتشار، الذي بدأ قبل أسابيع من موعد الشتاء المعتاد، يفاقم الضغط على الأنظمة الصحية مع انتشار فيروسات RSV وكورونا بالتزامن، مما يؤدي إلى ازدحام أقسام الطوارئ وتهديد بانهيار المستشفيات في دول مثل بريطانيا، إسبانيا، وألمانيا.
ارتفاع قياسي في الحالات: 8 آلاف إصابة أسبوعياً في بريطانيا
أفادت صحيفة “لابانجورديا” الإسبانية بارتفاع الإصابات قبل موعدها المعتاد، مسجلة أعلى موجة دخول مستشفيات منذ 2020، مما دفع دولاً أوروبية لإجراءات طارئة تشمل إغلاق مدارس وإعادة فرض الكمامات.
في بريطانيا، سجلت 8 آلاف حالة في أسبوع واحد، رقم قياسي، مع إعلان حالة طوارئ في المستشفيات وارتفاع بنسبة 56% عن العام الماضي، حسب الأخصائية مارتا كوهين.
أما إسبانيا، فسجلت معدلات إصابة تفوق السابق بعشرة أضعاف، بينما اتخذت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا إجراءات لتعزيز القدرات الصحية، مع توقعات بـ8,000 دخول إضافي قريباً.
الأزمة تتعقد مع RSV الذي يصيب الأطفال، وكورونا، مما يعيق التشخيص ويزيد الضغط على المنظومات.
المتحور K: طفرات تجعله أكثر عدوى ومقاومة للمناعة
يحمل المتحور K طفرات جينية مثل K2N، S144N، N158D، I160K، Q173R، T328A، وS378N، تجعله يهرب جزئياً من المناعة الناتجة عن اللقاحات أو الإصابات السابقة، مما يقلل فعالية اللقاح الحالي المصمم ضد سلالة سابقة، حسب تحليل ECDC الوراثي.
أكد إيد هاتشينسون، أستاذ الفيروسات الجزيئية، أن قلة شيوع H3N2 تجعل المناعة المجتمعية ضعيفة، مما يعزز سرعة انتشاره، حيث يشكل ثلث السلالات العالمية منذ مايو 2025، ونصفها في أوروبا.
ظهر المتحور في نهاية موسم الجنوب 2025، وانتشر إلى جميع القارات، محذراً من موسم قاسٍ في النصف الشمالي، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO).
الفئات الأكثر عرضة: كبار السن والأطفال في خطر المضاعفات
يحذر الخبراء من أن كبار السن (فوق 65 عاماً)، الأطفال الصغار، أصحاب المناعة الضعيفة، والنساء الحوامل هم الأكثر عرضة لمضاعفات خطيرة مثل الالتهاب الرئوي، الذي قد يؤدي إلى الوفاة، مع أعراض شديدة تشمل حمى عالية، سعال، إرهاق، وآلام عضلية.
في المملكة المتحدة، أدى الانتشار إلى إغلاق مدارس وإصابات أعلى بين الأطفال، ويُنصح باللقاح رغم ضعفه، مع التركيز على الوقاية: غسل اليدين، تجنب التجمعات، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة.
مع توقعات بذروة الإصابات نهاية ديسمبر، تدعو WHO إلى تعزيز الرصد والتطعيم، محذرة من “موسم إنفلونزا أقوى من المعتاد”. هل تتحمل أوروبا الضغط، أم تعود إلى إجراءات كوفيدية؟ الإجابة في الأسابيع المقبلة.
بوابة الساعة الإخبارية رئيس مجلس الإدارة محسن سرحان