في خطوة تاريخية تعكس تحولاً في السياسة الخارجية البريطانية، أقيم حفل رسمي أمام مبنى السفارة الفلسطينية في لندن الاثنين 22 سبتمبر 2025، احتفالاً باعتراف المملكة المتحدة الرسمي بالدولة الفلسطينية.
شارك في الحفل مشرعون بريطانيون، ممثلون عن الحكومة، دبلوماسيون عرب، ووجهاء المجتمع الفلسطيني في بريطانيا، في حضور السفير حسام زملط، الذي أكد أن هذا الاعتراف “خطوة لا رجعة فيها نحو العدالة والسلام”.
جاء الحفل بعد إعلان رئيس الوزراء كير ستارمر، الأحد الماضي، عن الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، بالتزامن مع إعلان أستراليا وكندا وبرتغال الاعتراف بها أيضًا، قبل بدء الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وصف ستارمر الخطوة بأنها “لإحياء أمل السلام وحل الدولتين”، مشددًا على أنها “ليست مكافأة لحماس”، بل تأكيد على عدم وجود دور لهذه المنظمة في الحكم الفلسطيني المستقبلي، مع وعد بفرض عقوبات إضافية على قادتها.
خلال الحفل، ألقى السفير زملط كلمة مؤثرة، قائلاً: “الاعتراف الدولي ليس مجرد موقف دبلوماسي، بل هو اعتراف بأن فلسطين كانت دائمًا أرضًا ذات شعب”.
وأضاف: “في حين أننا نرحب بهذا القرار، يجب علينا أن نتذكر أن هذا الاعتراف يأتي في ظل الألم والمعاناة التي لا يمكن تصورها بسبب الإبادة الجماعية التي تُشن ضدنا في غزة”. في ختام كلمته، رفع زملط العلم الفلسطيني على المبنى، مصحوبًا بعزف النشيد الوطني، في مشهد رُوِيَ عبر فيديو نشرته السفارة على منصة “إكس” (تويتر سابقًا).
كما كشف عن لوحة تُحدد المبنى بـ”سفارة دولة فلسطين“، رمزًا للانتقال إلى الاعتراف الكامل.
يأتي هذا الاعتراف بعد أكثر من 100 عام على وعد بلفور البريطاني لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، و77 عامًا على قيام إسرائيل، ويجعل بريطانيا الدولة الـ148 التي تعترف بالدولة الفلسطينية، مع انضمام أكثر من 150 دولة بحلول نهاية الأسبوع.
أثار الإعلان ردود فعل دولية متباينة؛ إيجابية من الفلسطينيين الذين رأوها “تصحيحًا للأخطاء التاريخية”، بينما أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخطوة وصفها بـ”المكافأة الضخمة للإرهاب”، معتبرًا أنها تُكافئ حماس بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي وأسر 251.
من جانبها، أعربت عائلات الأسرى الإسرائيليين (48 محتجزًا لا يزالون في الأسر) عن غضبها، معتبرة الاعتراف “تجاهلاً لمعاناتهم”.
كما عارض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخطوة خلال زيارته لبريطانيا الأسبوع الماضي، مشيرًا إلى خلافها مع سياسته.
في المقابل، أشاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقرار، معتبرًا إياه “دعمًا للقانون الدولي وحل الدولتين”.
يُعد هذا الاعتراف خطوة رمزية لكنها حاسمة، حيث يفتح الباب أمام ترقية تمثيل فلسطين في المنظمات الدولية، ويعزز الضغط على إسرائيل لوقف عملياتها في غزة، التي أسفرت عن عشرات الآلاف من الضحايا منذ أكتوبر 2023.
ومع اقتراب قمة الأمم المتحدة، يُتوقع أن يُعيد النقاش إلى الواجهة قضايا الاحتلال والأبارتهايد، وسط آمال بتقدم نحو سلام دائم. الحفل في لندن لم يكن مجرد احتفال، بل تذكير بأن “الأمل لا يزال حيًا”، كما قال ستارمر في بيانه