هبة علي تكتب : شهود الحقيقة .. جرائم لا تنتهي و تاريخ لا يمحى
لم يكن خبرآ عاديآ . و لم يكونوا اخبارآ عادية أبدآ ، في غزة قتل الصحفيين جريمة مدبرة متكررة تحدث كل يوم على مرأى و مسمع من العالم كله دون ان يحرك لها احد ساكنآ حتى و إن كانت جريمة حرب محرمة طبقآ لكل القوانين و المواثيق الإنسانية و الدولية .
لم يكن أنس الشريف الأول و لن يكون الأخير في قائمة الصحفيين الذين جاهدوا لإيصال الحقيقة فاغتالتهم آلة الإبادة الصهيونية التي تستهدف شعبآ أعزلآ بنسائه و أطفاله .
لم تكن له جريمة سوى أنه سكن قلوب مناصري القضية مناصري الحق و الإنسانية في العالم و أصبح صوتآ لغزة ينقل أخبارها لحظة بلحظة ، كان عينآ للحقيقة تفضح جرائم إسرائيل لمن تعلقت اعينهم بغزة وقلوبهم بالدعاء لها
لقد كان وجودك و صوتك يا أنس أنسآ لنا طيلة أيام الحرب المتوحشة نهرع إليك في كل دقيقة نختبأ من عجزنا و قلة حيلتنا في إيقاف هذه الحرب وجرائمها اللعينة ونتابع مايحدث لحظة بلحظة .. كنت حقيقيآ و صادقآ وواحدآ منا حتى فجعنا جميعآ بنبأ استشهادك الموجع القاسي .
و أصبحت أفئدتنا جميعآ فارغة .. كفؤاد أم موسى عندما ألقت صغيرها في اليم وهي تعلم أنه ذاهب للقاء عدو الله لكنها كانت تعلم يقينآ أنه في معية الله لن يتركه مع وعد بأن يرده إليها سالمآ .
رحلت مبكرآ يا أنس و تركت وراءك وطنآ ممزقآ يئن يقتل بكل أشكال القتل حصار و قصف و تجويع و اغتيال للبراءة و الحضارة و التاريخ و القيم الإنسانية.
لم يكن أنس و رفاقه و من سبقوهم مجرد ناقلين للخبر بل كانوا مثالآ للشجاعة و الصمود حراسآ لذاكرة الشعوب و الإنسانية يسجلون آخر ماتبقى من وجوه الشهداء ورائحة البيوت قبل ان يبتلعها غبار دمار لا نعلم متى ينتهي ،تاركين وراءهم بيوتآ ملأها الحزن و مشاهد لن تستطيع نقلها كاميرات رحل فرسانها دون ان يتركوا وراءهم مراسلآ يغطي أحداث وداعهم الأخير ؛ فكان الحدث دون مراسل ، لكن التغطية مستمرة و لا زالت كذالك ينقلها أنصار الحقيقة والسلام حتى نهاية أنفاسهم ، ويظل انس ورفاقه ومن سيحمل الراية من بعدهم شهودآ على الحقيقة لا يستطيع إسكات صوتهم رصاص غادر او اغتيال مدبر .