صوت من الشارع… وأقف مع الحق 

كتب: اللواء أحمد سلامة – صوت من الشارع… وأقف مع الحق

في الأشهر الأخيرة، تصاعد الجدل حول ظاهرة إرسال ملايين الجنيهات كهدايا رقمية على البثوث المباشرة في منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها “تيك توك”. ورغم أن الظاهرة تبدو في ظاهرها دعمًا جماهيريًا لصناع المحتوى، إلا أن خبراء ومحللين قانونيين حذروا من احتمال استغلالها كوسيلة لغسيل الأموال، في ظل صعوبة تتبع مصدر هذه التحويلات.

آلية التحويل عبر المنصة

تتيح المنصة للمستخدمين شراء “هدايا رقمية” باستخدام أموال حقيقية، ثم إرسالها لصانع المحتوى أثناء البث المباشر. يقوم الأخير بتحويل هذه الهدايا إلى رصيد مالي يمكن سحبه، بعد خصم نسبة قد تصل إلى 40 – 50٪ لصالح المنصة.
وفي حال كانت الأموال المستخدمة في شراء الهدايا غير مشروعة، فإن هذه العملية تمنحها غطاءً قانونيًا عند دخولها الحساب البنكي، ما يفتح الباب أمام عمليات غسيل أموال تحت ستار الدعم.

شخصيات متورطة

وفقًا لتقارير وتحليلات متداولة في الإعلام، لا يقتصر الأمر على صانعي المحتوى المغمورين، بل يمتد إلى بعض المؤثرين البارزين وشخصيات عامة من بينهم ممثلون، ممن يُستغل حضورهم وجماهيريتهم كواجهة لاستقبال تلك الأموال، سواء بعلمهم أو دون إدراك كامل لطبيعة الأموال الواردة.
كما تشير مصادر إلى وجود “وسطاء” أو ما يُعرف بـ”الوكلات” يقومون بشراء الهدايا نيابة عن أطراف أخرى، لتسهيل تدوير الأموال وإخفاء مصدرها الأصلي.

تحديات أمام الرقابة

المنصات أجنبية، ولا توفر دائمًا بيانات تفصيلية للمرسلين.

استخدام وسائل دفع دولية وبطاقات افتراضية يعرقل تتبع المعاملات.

تقسيم المبالغ على عدة حسابات وبثوث لتفادي لفت الانتباه.

قضايا لفتت الانتباه

شهدت مصر والمنطقة العربية حالات أُحيل أصحابها إلى التحقيقات، بعد تلقي مبالغ ضخمة عبر البثوث المباشرة، وثبت استخدامها في شراء أصول أو تمويل نشاطات بهدف إخفاء مصدر الأموال.

الإطار القانوني

ينظم قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 هذه القضايا، ويعاقب بالسجن من 3 إلى 7 سنوات، بالإضافة إلى غرامة مساوية لقيمة الأموال المغسولة. كما تعمل وحدة التحريات المالية المصرية التابعة للبنك المركزي على متابعة التحويلات المشبوهة، خاصة في ظل التوسع الكبير في المعاملات الرقمية.

الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية

تكريس ثقافة “الربح السريع” دون إنتاج حقيقي.

إدخال أموال مجهولة المصدر إلى النظام المالي، بما يضر بالاقتصاد الرسمي.

تضليل الشباب بصورة نجاح غير واقعية، تعتمد على الشهرة السريعة والمحتوى السطحي.

تحذير للمجتمع

المشهد اللامع للهدايا الرقمية قد يخفي وراءه شبكة من التحويلات المشبوهة والصفقات الخفية. وعلى الجمهور أن يكون واعيًا بأن ليس كل بث مباشر وسيلة مشروعة للرزق، وأن البريق الظاهري قد يقود إلى مسارات قانونية خطيرة.