بوابة الساعة الإخبارية رئيس مجلس الإدارة محسن سرحان
بعد مرور 52 عامًا على نصر أكتوبر 1973، تظل ذكريات الحرب تكشف عن أسرار مدهشة، أبرزها مشاركة سرب طيران من كوريا الشمالية إلى جانب الجيش المصري في معركة العبور التاريخية.
هذه القصة، التي تجمع بين البطولة والتضامن الدولي، تروي كيف امتدت يد التعاون من بيونغ يانغ إلى القاهرة، لتكتب فصلًا فريدًا في سجل الحرب.
بدأت الحكاية في مارس 1973، عندما زار نائب رئيس كوريا الشمالية ووزير دفاعها مصر، ولاحظا نقصًا في عدد الطيارين المصريين بعد قرار الرئيس السادات إنهاء عمل الخبراء السوفييت عام 1972، بما فيهم 100 طيار تشغلوا 75 طائرة ميج-21. هنا، اقترح الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان القوات المسلحة، إشراك طيارين كوريين في الدفاع الجوي المصري.
رحبت القيادة الكورية بالفكرة، ووافق الرئيس كيم إل سونغ خلال أسبوعين، مدعوًا الشاذلي لزيارة كوريا واختيار الطيارين بنفسه.في يونيو 1973، وصل سرب مكون من 30 طيارًا كوريًا و8 موجهين جويين إلى مصر، واستقروا في قاعدة جوية تضم 3000 جندي مصري.
أثبت الطيارون الكوريون كفاءتهم العالية، حيث شاركوا في مهام الدفاع الجوي قبل وأثناء الحرب، وخاضوا اشتباكات جوية مع طائرات إسرائيلية فوق الأراضي المصرية، ملتزمين بتعهد الشاذلي بتقييد مهامهم بالدفاع عن العمق المصري دون الزج بهم في عمليات هجومية.
تجسدت في هذا التعاون أواصر الصداقة، رغم الفروق الأيديولوجية بين مصر وكوريا الشمالية الشيوعية. كانت المشاركة رسالة تضامن نادرة في زمن الحرب الباردة، تعكس تقدير بيونغ يانغ لدعم مصر لحركات التحرر العالمية.
لكن الثمن كان غاليًا، إذ استشهد طياران كوريان دفاعًا عن الأجواء المصرية، ليخلدا كرمز للوفاء.هذه القصة، التي رواها الشاذلي في مذكراته، تظل شاهدة على عظمة نصر أكتوبر، الذي لم يكن مجرد انتصار عسكري، بل جسرًا للتضامن الإنساني عبر القارات، مؤكدًا مكانة مصر كقوة عالمية تحظى بالاحترام والدعم حتى من أقاصي آسيا.
