“في صباح مشمس بالقاهرة القديمة، عام 946 م، دلف عبد حبشي يُدعى كافور إلى سوق النخاسين، مكبل اليدين، أسود البشرة، يُباع كسلعة وسط أنظار المتسوقين.
لم يكن يملك من أمره شيئًا، لكن في قلبه كان يحمل طموحًا يعانق السماء. بينما كان الجميع يرونه عبدًا، كان هو يرى نفسه ملكًا.في لحظة استراحة بين أصوات التجار، سُئل كافور وزميله عن أمنياتهما.
أجاب رفيقه ببساطة: “أتمنى أن يشتريني طباخ، فأشبع من الطعام متى شئت.” لكن كافور، بنظرة ثاقبة، هز الجمع بكلماته: “وأنا أتمنى أن أملك هذه البلاد!” ضحك البعض، وسخر آخرون، لكن كلماته كانت نبوءة تنتظر تحقيقها.اشتراه قائد عسكري في الجيش الإخشيدي، رأى فيه ذكاءً وشجاعة.
أحسن تربيته، دربه على الفروسية والقيادة، فتحول العبد إلى فارس مغوار. صعد كافور السلم سريعًا، من جندي إلى قائد، حتى أصبح حاكمًا لمصر والدولة الإخشيدية (946-968 م).
ذلك العبد الذي كان يُباع في السوق، صار سيّد الجميع، ملكًا عادلًا أُطلق عليه لقب “الحجر الأسود”، إذ قال الفاطميون: “لن ندخل مصر ما دام الحجر الأسود قائمًا.”
في عهده، ازدهرت مصر بالعدل والرخاء، حتى أن الأغنياء كانوا يبحثون عن فقراء لدفع زكواتهم دون جدوى. قصة كافور الإخشيدي ليست مجرد تحرر من العبودية، بل حكاية رجل آمن بطموحه، فتحدى القدر وصنع أسطورة خالدة، تُروى عبر الأجيال كرمز للإرادة والعزيمة.