عمرو موسى يروي كواليس غضب مبارك في قمة ما بعد غزو الكويت

عمرو موسى يروي كواليس غضب مبارك في قمة ما بعد غزو الكويت.. وكيف غيّر القرار مسار المنطقة ، كشف الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، ووزير الخارجية المصري الأسبق، عمرو موسى، تفاصيل غير مسبوقة عن كواليس القمة العربية التي استضافتها القاهرة عقب الغزو العراقي للكويت عام 1990، حينما بدا الرئيس المصري الراحل حسني مبارك غاضبًا للمرة الأولى أمام القادة العرب.

وفي مقابلة مع قناة MBC، قال موسى أإن أجواء ما قبل الغزو كانت مختلفة، حيث شهدت قمة بغداد تصاعد شعور القيادة العراقية بالقوة والزهو، لدرجة الاعتراض على الثوابت الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وقرار مجلس الأمن 242، مضيفًا أن العراق أعلن وقتها: “نحن من سنقود العملية.. لا 242 ولا غيره”.

لحظة الغضب والحسم

وعن القمة الشهيرة في القاهرة بعد الغزو، التي عُرفت بـ”قمة الانقسام”، أوضح موسى أن مبارك كان غاضبًا بشدة، لأنه أدرك أن فشل القمة في الخروج بقرار واضح سيُترجم كـ انتصار سياسي لصدام حسين ويترك الكويت تحت رحمة التوازنات الدولية.

وأضاف: “مبارك قال: التصويت. فتمت الموافقة بـ12 صوتًا مقابل اعتراضات محدودة، ليصدر القرار التاريخي الذي أعلناه للإعلام. لو لم يُصدر القرار بالأغلبية وقتها لكان الوضع تغيّر جذريًا”.

بين القاعة ومصير المنطقة

يرى مراقبون أن ما كشفه موسى يعكس نقطة تحول في النظام العربي، حيث كسرت قمة القاهرة قاعدة الإجماع التقليدية في اتخاذ القرارات، ولجأت إلى التصويت بالأغلبية، وهو ما مهّد الطريق لشرعنة التدخل الدولي لاحقًا، وأعاد تشكيل موازين القوى الإقليمية.

كما أن التنسيق المصري – السعودي – السوري، الذي أشار إليه موسى، كان بمثابة نواة لمحور عربي مؤثر ساهم في حشد موقف داعم لتحرير الكويت، لكنه في الوقت ذاته فتح الباب واسعًا أمام دور أمريكي مباشر في المنطقة، ما جعل حرب الخليج الأولى محطة فاصلة غيّرت وجه الشرق الأوسط لعقود لاحقة.

أهمية الاعتراف بالتاريخ

تصريحات عمرو موسى تعيد للأذهان أن الغضب الذي بدا على مبارك لم يكن مجرد انفعال عابر، بل كان تجسيدًا للحظة تاريخية فارقة، حيث كان على القادة العرب الاختيار بين الانقسام الذي يعزز قوة العراق، أو قرار سريع يُنقذ الكويت ويحافظ على التوازن الإقليمي.

وبينما انتهت القمة بقرار تاريخي، فإن تداعياتها ما زالت تُلقي بظلالها على المنطقة حتى اليوم، باعتبارها الحدث الذي مهّد لمرحلة جديدة من التدخلات الدولية في الشرق الأوسط، وأعاد تعريف مفهوم العمل العربي المشترك.