بينما يغرق السودان في فيضانات مدمرة ناجمة عن تصريف مفاجئ لسد النهضة الإثيوبي، الذي افتُتح رسمياً في 9 سبتمبر الماضي، تؤكد مصر أنها في مأمن تام، معتمدة على السد العالي كـ”حصن منيع” يحول التحدي إلى فرصة زراعية.
أدى فتح بوابات السد الإثيوبي، بسعة 74 مليار متر مكعب، إلى تدفق يومي يصل إلى 738 مليون متر مكعب نحو السودان، مما أثار “إنذاراً أحمراً” وإجلاء 500 أسرة شمال الخرطوم، مع مخاوف من انهيار سد الروصيرص بسعة 7 مليارات متر مكعب فقط.
ينفي الخبراء الإثيوبيون السببية، مدعين أن السد خفّف الفيضانات، لكن الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، يحذر من “سوء التشغيل” الذي أغرق ولايات سودانية دون تنسيق.
خطط الطوارئ الدائمة: حماية من الفيضان والعطشكشفت مصادر في وزارة الموارد المائية والري لـ”القاهرة 24″ عن خطط استباقية مستمرة منذ 13 عاماً، تشمل رصد يومي لإيراد النيل عبر اللجنة العليا للمتابعة، وإدارة سعة السد العالي (162 مليار متر مكعب) مع البحيرات الجانبية (22 مليار متر مكعب).
يبدأ الاستعداد في 1 أغسطس، بسحب 55 مليار متر مكعب سنوياً لتوفير مساحة استقبال، مما يمنع الفيضانات. حالياً، استقبل السد أكثر من 700 مليون متر مكعب في سبتمبر دون فتح بوابات، ومفيض توشكى (قادر على 20 مليار متر مكعب) مغلق حتى يتجاوز التدفق الحدود الآمنة.
للنقص المائي، تعتمد مصر على تنويع المصادر: تحلية مياه البحر (مثل محطات نبق ورأس سدر بطاقة 10 آلاف م3/يوم)، وتقليل الفاقد بنسبة 20% عبر شبكات ري حديثة، واستصلاح 2 مليون فدان في توشكى ودلتا جديدة.
يرى الدكتور حسين العطيفي، وزير الري الأسبق، أن هذه التدفقات “خير للزراعة”، ويُبدد قلق المواطنين بقدرة السد على الاستيعاب، لكنه يدعو لاتفاق ثلاثي لتجنب “سيناريو العطش” في سنوات الجفاف.
تحويل التحدي إلى فرصة: رؤية الخبراءيؤكد الخبراء أن مصر تحولت من ضحية إلى مستفيد، حيث يُستخدم الفائض في غسيل التربة وتعزيز الإنتاج الزراعي بنسبة 15%، مع خطط لـ”استفادة مثلى” من الفيضانات عبر تنظيم إيراد النهر.
أما توقف المفاوضات رسمياً في ديسمبر 2023، بعد رفض إثيوبيا الحلول الوسطى، فيعزز الحاجة لدبلوماسية حازمة، خاصة مع افتتاح السد دون اتفاق.
يحذر شراقي من أن “السد غير قانوني”، ويطالب بتنسيق لتجنب كارثة، محولاً القلق إلى دافع للاستدامة المائية.