حوار: رشا لاشين
في ذكرى انتصار أكتوبر، يتجدد الحديث عن الفريق سعد الدين الشاذلي، مهندس خطة “المآذن العالية”، الذي قاد مصر لتحطيم خط بارليف. لكن خلافاته مع الرئيس أنور السادات أثارت تساؤلات حول تأثير القرارات السياسية على الإنجاز العسكري.
حاورت “رشا لاشين ” ابنته السيدة شهدان الشاذلي، التي كشفت عن شخصية والدها، تربيته، ودوره في حرب أكتوبر.
دقة وإصرار: سر نجاح الشاذليس: ما مظاهر الإصرار والتحدي في شخصية والدك؟
ج: كان والدي عسكرياً منضبطاً، معتزاً بنفسه، وديمقراطياً في تربيتنا. ربانا – أنا وأخواتي الثلاث – على الاعتماد على النفس دون تمييز بين الجنسين.
كنت أول امرأة مصرية تقفز بالمظلات، وتعلمت رياضة الشيش والطيران الشراعي.
سافرت إلى أمريكا عام 1967، وعملت في “وول ستريت” كامرأة مصرية وحيدة بين 40 رجلاً، وهذا بفضل تربيته التي غرست فيني الكبرياء. كان دقيقاً جداً، يقيس المسافات إلى مدرسته في شبابه، وعلمني التخطيط بدقة، مثل قياس الوقت للوصول إلى الامتحانات.
حتى مصروفنا كان محسوباً بدقة، لكن مرة فقدت مدخراتي أثناء صيد السمك، فتدخلت مربيتي سراً لتعويضي.
قرارات سياسية عطلت النصر؟
س: هل نفذ الشاذلي خطته لتحرير سيناء رغم الخلاف مع المشير أحمد إسماعيل؟
ج: لم يكن الأمر كذلك تماماً. المشير أحمد إسماعيل كان ينفذ أوامر السادات.
بعد العبور وتحطيم خط بارليف واسترداد 15 كم من سيناء، طلب السادات من الشاذلي تطوير الهجوم لدعم الجبهة السورية في الجولان. لكن الشاذلي رفض، لأن الإمكانيات العسكرية، خاصة الطيران والدفاع الجوي، لا تسمح بالتقدم أكثر من 12 كم دون خسائر فادحة.
الضربة الجوية الأولى نجحت لأنها كانت مفاجئة، لكن أي تقدم إضافي كان سيدمر طائراتنا بسبب تفوق إسرائيل جوياً.
رغم ذلك، أصر السادات على تطوير الهجوم في 14 أكتوبر، وهو قرار سياسي أدى إلى خسارة 250 دبابة.
هذا القرار أثار تساؤلات حول دوافعه، خاصة أن سوريا كانت الدولة الوحيدة القادرة على الضغط على السادات.
إرث الشاذلي: قيم وطنية عبر الأجيال
تحدثت شهدان عن إصرار والدها الوطني، مشيرة إلى مشاركته في الحرب العالمية الثانية كضابط في الحرس الملكي بأمر الملك فاروق، مما عكس حبه العميق لمصر.
أكدت أن تربيته الصارمة، مستمدة من تعليمه في المدرسة الألمانية، شكلت شخصيتها، وجعلتها امرأة مستقلة تحدت الصعاب في أمريكا.
رغم الخلافات السياسية، يظل الشاذلي رمزاً للنصر، حيث كانت خطته العسكرية حجر أساس استعادة الكرامة المصرية في أكتوبر 1973.