بوابة الساعة الإخبارية رئيس مجلس الإدارة محسن سرحان
كشف تقرير حديث صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي عن تحولات جوهرية في خريطة التدفقات المالية الدولية إلى الدول النامية خلال العقدين الماضيين، موضحًا أن هذه التحولات أعادت تشكيل مصادر التمويل الخارجي في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي.
وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة معقدة تتسم بـ التوترات الجيوسياسية وارتفاع تكاليف التمويل وتباطؤ التجارة الدولية، إلا أن الاقتصادات النامية لا تزال تحافظ على جاذبيتها الاستثمارية للمستثمرين الدوليين.
استقرار الاستثمارات الأجنبية المباشرة
أوضح التقرير أن التدفقات الاستثمارية إلى الدول النامية استقرت عند نحو 867 مليار دولار خلال عام 2023، بما يمثل نحو 57% من إجمالي الاستثمارات العالمية، وذلك رغم التحديات المرتبطة بتشدد الأوضاع التمويلية وتصاعد المخاطر الجيوسياسية.
وأكد التقرير أن هذا الاستقرار يعكس ثقة المستثمرين في أسواق الدول النامية، غير أن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا تدريجيًا في مصادر التمويل، حيث برزت التحويلات المالية من العاملين بالخارج كأحد أهم وأكبر مصادر التمويل لهذه الاقتصادات.
التحويلات المالية تتصدر المشهد
بحسب التقرير، بلغت التحويلات من العاملين بالخارج نحو 656 مليار دولار في عام 2023، متجاوزةً بذلك حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي تأثر بتقلبات الأسواق والأزمات العالمية.
وأوضح التقرير أن هذا التحول يمثل اتجاهًا إيجابيًا خاصة للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، إذ توفر التحويلات مصدرًا أكثر استقرارًا واستدامة للدخل القومي، وتسهم في دعم التوازن المالي والنقدي.
المساعدات الإنمائية تواجه تراجعًا
وأشار التقرير إلى أن المساعدات الإنمائية الرسمية سجلت نحو 256 مليار دولار فقط في 2023، حيث وُجه جزء كبير منها إلى الأزمات الإنسانية بدلًا من تمويل مشروعات التنمية المستدامة.
وأكدت الوزارة أن هذا التوجه، رغم ضرورته الإنسانية، لا يلبّي احتياجات الدول النامية لتمويل طويل الأجل يعزز النمو الاقتصادي والبنية التحتية.
نحو نموذج اقتصادي جديد
وشدد التقرير على أن المرحلة الراهنة تتطلب استراتيجيات تمويل مبتكرة لتحفيز النمو المستدام، من بينها النموذج الاقتصادي الجديد الذي تتبناه العديد من الدول النامية، ويعتمد على تعزيز دور القطاع الخاص، وتوسيع القاعدة الإنتاجية، وتحفيز الصادرات.
الاستقرار الاقتصادي والتمويل المبتكر
واختتم التقرير بالتأكيد على أن استقرار الاقتصاد الكلي يمثل حجر الأساس لتحقيق النمو والمرونة في مواجهة الأزمات، لافتًا إلى أهمية أدوات التمويل المبتكر مثل مبادلات الدين مقابل المناخ في دعم التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة.
كما توقّع التقرير أن تستمر التحويلات المالية في النمو التدريجي خلال السنوات المقبلة، مدفوعة بعوامل الهجرة والفوارق الديموغرافية، فيما سيظل مستقبل الاستثمار الأجنبي المباشر مرتبطًا بتحسن البيئة الاقتصادية العالمية، في حين يُنتظر أن تشهد المساعدات الإنمائية تطورًا نوعيًا يركز على تمويل البنية التحتية المستدامة والمشروعات المناخية.
