أثارت الأجهزة الأمنية ضجة كبيرة في أوساط الرأي العام، بعد كشفها عن واقعة اختلاق اختطاف مزعوم دبرته موظفة بمعهد تيودور بلهارس للأبحاث الطبية في الوراق، بدافع انتقام شخصي من مديرة شؤون العاملين.
الواقعة، التي وقعت خلال الساعات الماضية، أكدت كفاءة الجهاز الأمني في تفكيك الخدع الإجرامية، وأعادت إلى الأذهان أهمية التحقيقات الدقيقة في مثل هذه البلاغات الحساسة، خاصة في ظل انتشار الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي.
تعود تفاصيل الحادث إلى اتفاق سري بين الموظفة، التي تعمل في إحدى الأقسام الإدارية بالمعهد الشهير بأبحاثه في أمراض الكبد والجهاز الهضمي، وصديقها المقرب.
وفقاً لمصادر أمنية مطلعة، خطط الثنائي لسيناريو درامي يهدف إلى إلصاق التهمة بالمديرة، التي كانت تشرف على شؤون العاملين وتُعتبر مصدر إحباط للمشتبه بها بسبب خلافات وظيفية متكررة.
بدأت الخطة باستقلال الموظفة ميكروباصاً من منطقة الوراق باتجاه حدائق القبة، حيث تسبب صديقها عمداً في حادث مروري مصطنع أدى إلى إصابتها بجروح سطحية.
لم يتوقف الأمر هنا، إذ تم إلقاؤها أمام أبواب مستشفى التقوى في الهرم، مصابة ومذعورة، لتبدأ في نسج رواية الاختطاف التي تضر المديرة وتثير الفوضى داخل المعهد.تلقت الشرطة بلاغاً فورياً عن “اختطاف” الموظفة، مما أثار حالة من الذعر بين زملائها وعائلتها، وسرعان ما انتشر الخبر عبر الجروبات الداخلية للموظفين، محولاً المكان إلى مسرح للشكوك والاتهامات المتبادلة.
ومع ذلك، لم تتأخر الجهات الأمنية في التحرك؛ فقد شكلت فرقاً متخصصة بالهرم، بالتعاون مع إدارة المعهد وقسم الوراق، لفحص كاميرات المراقبة في المناطق المذكورة، واستجواب الشهود، ومراجعة سجلات الاتصالات الهاتفية.
كشفت التحريات تناقضات واضحة في رواية الضحية المزعومة، مثل غياب أي أثر لعنف خارجي حقيقي، وتطابق توقيت الاتصالات بينها وبين صديقها مع لحظات الحادث.
بعد ساعات قليلة، اعترفت المشتبه بها بالتخطيط، موضحة أن “الانتقام كان الدافع الوحيد”، مشيرة إلى شعورها بالظلم في الترقيات والمعاملة اليومية.معهد تيودور بلهارس، الذي يُعد من أبرز المؤسسات الطبية في مصر ويتبع الأكاديمية المصرية للبحث العلمي، شهد في السنوات الأخيرة تطورات إيجابية في أبحاثه حول التهاب الكبد C والسرطانات الهضمية، لكنه لم يكن بمنأى عن الخلافات الإدارية الداخلية، خاصة مع زيادة الضغوط على الموظفين بسبب التحديات الاقتصادية.
أصدر المعهد بياناً رسمياً يؤكد تعاونه الكامل مع السلطات، مشدداً على أن “هذه الحادثة المعزولة لا تؤثر على سمعة المؤسسة أو عملها الوطني”.
وأضاف البيان أن الإدارة ستعزز من برامج الدعم النفسي للموظفين لتجنب مثل هذه التصعيدات، مع التأكيد على سياسة “الصفر تسامح” تجاه أي محاولات للإضرار بالسمعة.
من جانبها، أكدت المديرة المعنية، في تصريحات لوسائل إعلامية، أنها تفاجأت بالأمر لكنها ملتزمة بمبادئ العمل المهني، قائلة: “الانتقام لا يبني شيئاً، وأنا دائماً أسعى للعدالة للجميع”.
أما الجهات القضائية، فقد أمرت بإحالة المشتبه بهما إلى النيابة العامة بتهمة “الإبلاغ الكاذب والتزوير”، مع توقعات بغرامات مالية وعقوبات تصل إلى السجن لمدة عام، وفقاً لقانون العقوبات المصري.
خبراء أمنيون يرون في هذه الواقعة دليلاً على انتشار “الانتقام الوظيفي” في بيئات العمل الحكومية، مشيرين إلى أن 15% من البلاغات الجنائية في القاهرة مرتبطة بخلافات داخلية، ويوصون بتعزيز آليات الوساطة قبل اللجوء إلى الشرطة.
شهدت وسائل التواصل تفاعلاً واسعاً مع الخبر، حيث تداول آلاف المستخدمين صوراً للمكان وتعليقات تعبر عن الدهشة، مع هاشتاج #اختطاف_مزيف يتصدر التريند المحلي. إحدى المتابعات كتبت: “ده دليل على الضغط النفسي في الشغل، لازم نركز على الصحة النفسية”.
وفي سياق مشابه، تذكر الواقعة بقضايا سابقة مثل اختلاق حوادث لابتزاز الجهات الرسمية، لكنها تبرز أيضاً كفاءة الشرطة في الحفاظ على الأمن الداخلي.
في الختام، تُعد هذه الحادثة تذكيراً بأن النزاعات الشخصية يجب حلها بالحوار لا بالكذب، وأن المؤسسات الطبية مثل تيودور بلهارس تستحق الدعم لا التخريب.
مع اتخاذ الإجراءات القانونية، يبقى الأمل في بيئة عمل أكثر أماناً وعدالة، حيث يسود التعاون بدلاً من الانتقام، ليستمر المعهد في خدمة الملايين من المرضى بكفاءة أكبر.
بوابة الساعة الإخبارية رئيس مجلس الإدارة محسن سرحان