أخبار عاجلة
عدلي لملوم: آخر فرسان الإقطاع في مواجهة ثورة يوليو

عدلي لملوم: آخر فرسان الإقطاع في مواجهة ثورة يوليو

 إعداد: ابتسام

عدلي لملوم: آخر فرسان الإقطاع في مواجهة ثورة يوليو، مع صورة نادرة… لحظة القبض على أحد كبار أعيان المنيا

في مشهدٍ يعكس صراعًا بين زمنين، وثّقت صورة نادرة لحظة القبض على عدلي بك صالح باشا لملوم السعدي كيشار الفايدي، شيخ قبيلة الفوايد وأحد أبرز أعيان محافظة المنيا، بعد مقاومته الصريحة لقوانين التأميم والإصلاح الزراعي التي صدرت عقب ثورة 23 يوليو 1952.

عدلي لملوم لم يكن مجرد إقطاعي تقليدي، بل رمزًا لحقبة اجتماعية وسياسية انتهت على أيدي الضباط الأحرار.

جذور النفوذ: عائلة صنعت السياسة والتاريخ

ينحدر عدلي لملوم من عائلة سياسية واجتماعية نافذة تركت بصمتها في تاريخ مصر الحديث:

والده صالح باشا لملوم كان عضوًا في لجنة دستور 1923، وعُرف بكرمه حين كان يرسل سنويًا كسوة الكعبة إلى الحجاز.

عمّه عبدالله باشا لملوم أسّس مع عمر المختار “جيش السنوسيين” لمقاومة الاستعمار الإيطالي في ليبيا.

عمّه المصري باشا لملوم كان زعيمًا في حزب الوفد وأحد كبار المموّلين للثورة والحزب.

عمّه حمد باشا لملوم نُفي مع سعد زغلول في رحلته الشهيرة إلى الخارج.

بهذا الإرث، ورث عدلي لملوم مكانة مهيبة بين الأعيان والسياسيين، وأصبح عضوًا في مجلس النواب، وزعيمًا قبليًا يحكم دائرة نفوذه بالسياسة والهيبة معًا.

قبيلة الفوايد… وجيش من الأتباع

بصفته شيخًا لقبيلة الفوايد، التي قُدّر عدد أفرادها آنذاك بأكثر من مليوني نسمة، امتلك عدلي بك ما يقارب 14 ألف فدان من الأراضي الزراعية في محافظة المنيا.
كان نفوذه ممتدًا إلى مئات الأتباع والخدم، حتى بدا وكأنه “دولة داخل الدولة”.

الشرارة: رفض قوانين الإصلاح الزراعي

حين صدر قانون الإصلاح الزراعي عام 1952، محددًا الملكية الزراعية بـ 200 فدان فقط، كان واضحًا أن عدلي لملوم سيكون من أبرز المتضررين.
لكن بدلاً من الامتثال للقانون، اختار المواجهة.

امتطى جواده، وحشد حوله رجاله وأتباعه، وألقى فيهم خطابًا ناريًا هدّد فيه كل من يحاول المساس بأرضه، قبل أن يتجه مع قواته العشائرية إلى قسم شرطة مغاغة، حيث سيطر على الضباط وصرخ متحديًا:
“جايبنلي بكباشي يعمل علينا رئيس؟!”

مواجهة الجيش وسلاح الجو

لم تمضِ ساعات حتى تحركت وحدات عسكرية من منقباد بأسيوط إلى المنيا لاحتواء التمرد، وصدر الأمر إلى سلاح الجو بالتدخل إذا لزم الأمر.
كانت تلك اللحظة ذروة الصدام بين قوة الدولة الحديثة بقيادة الجيش، وقوة الإقطاع التي مثلها عدلي لملوم.

المحاكمة والحكم

أُلقي القبض على عدلي لملوم، وحوكم بتهمة التمرد على الدولة. صدر بحقه حكم بالإعدام، غير أن الحكم خُفف إلى السجن المؤبد.
وبعد سنوات، خرج من محبسه بوساطة مباشرة من الملك إدريس السنوسي ملك ليبيا والملك حسين ملك الأردن، في دلالة على استمرار نفوذه الإقليمي حتى وهو خلف القضبان.

عدلي لملوم… نهاية حقبة

قصة عدلي لملوم لم تكن مجرد مواجهة شخصية مع ثورة يوليو، بل كانت تعبيرًا عن لحظة انتقالية حاسمة: نهاية عهد الإقطاع الذي حكم مصر لعقود، وبداية زمن جديد تقوده الدولة المركزية الحديثة.
كان الرجل آخر فرسان الإقطاع، الذي وقف في وجه الدولة رافضًا الانصياع، قبل أن يسقط نفوذه تحت جنازير دبابات الجيش وأوامر الضباط الأحرار.

🔻 خلاصة التحقيق
تظل قصة عدلي لملوم شهادة على صراعٍ بين سلطة الأرض وسلطة الثورة، بين زمن الإقطاع وزمن الجمهورية.
وبينما يرى البعض أنه كان متمردًا على العدالة الاجتماعية، يعتبره آخرون فارسًا واجه الدولة بشجاعة دفاعًا عن إرثه ونفوذ قبيلته.

شاهد أيضاً

أقدم فستان في العالم.. سر جديد من قلب الحضارة المصرية

أقدم فستان في العالم.. سر جديد من قلب الحضارة المصرية

كتبت :نهله مبارك منذ آلاف السنين، لم تكن الحضارة المصرية القديمة مجرد أهرامات شامخة ومعابد …

اترك تعليقاً

asianbookie prediksi