بوابة الساعة الإخبارية رئيس مجلس الإدارة محسن سرحان
“حين تتبخر المال في ثوانٍ: قصة خروج الأموال الساخنة من مصر!”في لحظات الأزمات، تهرول الاستثمارات قصيرة الأجل – المعروفة بـ”الأموال الساخنة” – خارج الأسواق الناشئة، باحثة عن الأمان. ومصر لم تكن استثناءً. فقد شهد الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة موجات متكررة من دخول وخروج هذه الأموال، لكن النزوح الكبير الذي أعقب أزمة 2022 و2023 كان له أثر عميق ما زالت البلاد تتعامل مع تبعاته حتى اليوم.
🔍 ما هي الأموال الساخنة؟
الأموال الساخنة هي استثمارات أجنبية قصيرة الأجل، غالبًا في أدوات الدين مثل أذون الخزانة والسندات، تدخل الأسواق الناشئة لتحقيق أرباح سريعة من أسعار الفائدة أو فروق العملات. لكنها شديدة الحساسية لأي تغيّرات في السياسات النقدية أو الظروف الدولية، ما يجعلها عرضة للانسحاب السريع.
💸 ماذا حدث في مصر؟
مع بداية 2022، ووسط الحرب في أوكرانيا، ورفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة بشكل متسارع، بدأت الأموال الساخنة في مغادرة مصر بحثًا عن عوائد أعلى بالدولار.
وفقًا لتقارير البنك المركزي، خرج ما يفوق 20 مليار دولار خلال شهور قليلة، ما أدى إلى:
ضغوط على سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
تراجع احتياطي النقد الأجنبي.
تعميق أزمة الدولار في السوق المحلي.
اضطرار الدولة لإعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
🧮 الآثار الاقتصادية:
ارتفاع التضخم: بسبب انخفاض الجنيه وغلاء السلع المستوردة.
تباطؤ الاستثمار المحلي: بسبب عدم اليقين في أسعار الصرف والسياسات.
تغيير السياسة النقدية: اضطر البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة بشكل متكرر لجذب الأموال مرة أخرى.
📈 كيف واجهت مصر الأزمة؟
الاتجاه نحو الاستثمارات طويلة الأجل: مثل بيع أصول للدولة (صندوق ما قبل الطروحات، برنامج الطروحات الحكومية).
الاتفاق مع صندوق النقد: بقيمة 8 مليارات دولار، لتأمين تمويلات ومساعدات فنية.
تعويم الجنيه مجددًا في 2024: ما ساعد على استقرار سوق الصرف جزئيًا وجذب بعض التدفقات مجددًا.
—
🔮 ما هو الدرس المستفاد؟
تعتمد مصر على إعادة التوازن بين جذب الاستثمارات وتحقيق استقرار نقدي حقيقي.
الأموال الساخنة يمكن أن تكون مفيدة في دعم الاحتياطي والسيولة مؤقتًا، لكنها لا تعوّض الحاجة لاستثمارات إنتاجية مستدامة في الصناعة، التكنولوجيا، والطاقة.
—
📣 الخاتمة:
نزوح الأموال الساخنة من مصر لم يكن مجرد حدث عابر، بل درس اقتصادي عميق. فالاقتصاد الذي يعتمد على “الدولارات السريعة” يصبح هشًّا عند أول عاصفة. أما المستقبل، فمرهون بقدرة الدولة على بناء بيئة استثمارية جذابة ومستقرة، لا تطارد الربح السريع فحسب، بل تستثمر في القيمة المضافة.
