أخبار عاجلة
الفرق بين الشهرة والتأثير الحقيقي

الفرق بين الشهرة والتأثير الحقيقي

الفرق بين الشهرة والتأثير الحقيقي

كتبت: نهلة مبارك

في عالمٍ تُقاس فيه القيم بعدد المتابعين والمشاهدات، يختلط على كثيرين الفرق بين الشهرة والتأثير الحقيقي. فهل يكفي أن يعرفك الناس لتكون ذا قيمة؟ أم أن الأهم أن تترك أثرًا لا يُنسى في نفوسهم؟ لقد أصبحت الشهرة في عصرنا هدفًا يسعى إليه الكثيرون، بينما التأثير الحقيقي، الذي يتطلّب عمقًا وصدقًا واستمرارية، غالبًا ما يُغفل أو يُهمّش. فبين نجمٍ لامع وسريع الزوال، وشخصٍ بسيط غيّر حياة من حوله، أيُّهما أحق بأن يُحتذى به؟ هذا ما نحاول استكشافه في هذا المقال.
في عصرٍ تهيمن فيه وسائل التواصل الاجتماعي على تفاصيل حياتنا اليومية، أصبحت الشهرة أمرًا سهل المنال، بل ويمكن تحقيقها في دقائق معدودة. يكفي أن ينتشر مقطع قصير أو صورة ملفتة لتتحول شخصية مجهولة إلى “نجم” حديث الناس. ولكن، هل الشهرة تعني بالضرورة التأثير؟ وهل كل من يعرفه الناس يُعد مؤثرًا فيهم حقًا؟

الشهرة، في مفهومها البسيط، تعني أن يكون الإنسان معروفًا لدى عدد كبير من الناس، بغض النظر عن السبب الذي جعله يُعرف. قد يشتهر المرء بسبب موهبة حقيقية، أو بسبب جدل، أو حتى من خلال الصدفة. أما التأثير الحقيقي، فهو أعمق وأبقى؛ إنه القدرة على تغيير فكر، أو إلهام سلوك، أو إحداث فرق في حياة الآخرين، سواء على نطاق ضيق أو واسع.

الفرق الجوهري بين الاثنين يكمن في الأثر الذي يتركه كلٌ منهما. فالمشهور قد يختفي اسمه من الأذهان مع مرور الوقت، بينما الشخص المؤثر يظل أثره قائمًا، ربما حتى بعد رحيله. فكم من شخصية لم تكن تُسلّط عليها الأضواء، لكنها أثرت في أجيال بأكملها من خلال أفكارها، مواقفها، أو أعمالها!

على سبيل المثال، قد لا تكون الشهيدة ماري كوري من مشاهير وسائل الإعلام في زمانها، لكنها غيّرت العالم بأبحاثها في الفيزياء والكيمياء، وما زال تأثيرها العلمي حاضرًا حتى يومنا هذا. كذلك المفكر مالك بن نبي، الذي لم يكن نجمًا إعلاميًا، لكن أفكاره حول النهضة والثقافة ما زالت تُدرّس وتُناقش.

وفي المقابل، كم من “نجم” على وسائل التواصل الاجتماعي يحقق شهرة واسعة، لكنه لا يضيف شيئًا حقيقيًا في وعي الناس أو حياتهم؟ كما قال المفكر مصطفى محمود: “إن قيمة الإنسان لا تقاس بشهرته، بل بما يفعله حين لا يراه أحد.”

الشخص المؤثر لا يشترط أن يمتلك ملايين المتابعين، بل قد يكون معلمًا ألهم طلابه، أو كاتبًا لمس كلمات قرّاءه، أو حتى صديقًا غيّر حياة من حوله بطريقة إيجابية. التأثير الحقيقي لا يُقاس بعدد الإعجابات أو المشاركات، بل يُقاس بالعمق، وبالصدق، وبالنية خلف ما يُقال ويُفعل.
في النهاية، إن كنت تسعى للضوء فقط، فربما تفضل الشهرة. أما إن كنت تطمح لأن تترك أثرًا يبقى حتى بعد غيابك، فالتأثير هو الخيار الأعمق والأبقى.

كما قال الكاتب ستيفن كوفي: “النجاح هو أن تكون مهمًا في أعين الناس، لكن العظمة هي أن تترك أثرًا في حياتهم.”

وفي نهاية المطاف، لا بأس أن تجمع بين الأمرين، لكن الأهم ألا تكون الشهرة هي الغاية، بل وسيلة لبلوغ تأثير نافع وخيّر في هذا العالم.

شاهد أيضاً

علامات تدل على أن صحة الكلى في خطر

علامات تدل على أن صحة الكلى في خطر

علامات تدل على أن صحة الكلى في خطر، حيث هناك بعض العلامات التي قد تكشف …

asianbookie prediksi