أخبار عاجلة

عوالم متوازية

مبهرة هى تلك الصور التى نشرتها وكالة (ناسا) الأمريكية للفضاء مؤخرا .. ملايين المجرات والشموس والكواكب متباينة الأشكال والأحجام والألوان يحار البصر في تمييزها ويعجز العقل عن إحصائها وتتجلى في كل ذرة منها عظمة الله تعالى وقدرته سبحانه مبدع الأكوان ومسيرها في نظام بالغ الدقة لا يطغى فيه شئ على شي
(لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر و لا الليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون ) يس ٤٠
فالاختلاف هو سنة الله تعالى فى خلقه وضرورى لإستمرار الحياة والحفاظ على توازنها .
أعدت تأمل الصور فى انبهار استغرق كل حواسى حتى انتزعنى منها رنين الهاتف الذى ظهر على شاشته اسم وفاء.
أغلقت الخط ونزلت لأفتح لها الباب.. دلفت بخطوات مسرعة وهي تلقى علي التحية وتصف لى مدى معاناتها فى المواصلات.
تأملت عباءتها الملونة البسيطة ونقابها الأسود الذى لا ترتديه تدينا وإنما ترتديه وفقا لأعراف مجتمعها و قوانينه الخاصة ، والذى يختلف كثيرا عن المجتمع الذى نشأت وأعيش فيه ، ويتباين بشكل كلى مع أعراف وقوانين مجتمعات أخرى تعاملت مع بعض أفرادها في أماكن لها مستوى مادى واجتماعى أعلى أو أقل على الرغم من كوننا جميعا نعيش في نفس الدولة ونفس المحافظة ، بل ونفس الحى…
انتبهت من خواطرى على صوتها وهي تسألنى: هو إيه ده يا مدام ؟
التفت إليها فوجدتها تمسك بعلبة رقائق الذرة التى على طاولة المطبخ ، فأجبتها ببساطة وشرحت لها مكوناته ؛ فلم أعد أندهش من أسإلتها عن أشياء موجودة في البيت أو تفاصيل يومية هى غريبة بالنسبة لها…
وابتسمت و أنا أتذكر كلمة سمعتها من أحد أبنائى الشباب : فلان ده مش عايش معانا على الكوكب !
وهى عبارة وإن كانت تبدو ساخرة للوهلة الأولى لكنها تحمل في طياتها لب الحقيقة وجوهرها .. فنحن بالفعل نعيش في عوالم متوازية وإن كان يجمعنا نفس الكوكب بل ونفس الشارع لكن كل عالم تحكمه قوانينه الخاصة وموروثاته ومعتقداته وأعرافه التى يؤمن بها أفراده ويلتزمون بها بل ويدافعون عنها إذا اقتضى الأمر..
نحن نتلاقى يوميا مع أناس مختلفين فى أماكن وأوقات وظروف حياتية متعددة ولكن كل منا يحمل عالمه فى داخله ويعيش به و يتعامل مع الآخرين من خلاله..
واختلاف تلك العوالم هو الذى يعطى للحياة معنى ، ويعمل على استمرارها ، ويحافظ على توازنها.. ولتتحقق سنة الله تعالى فى خلقه وتتجلى عظمته سبحانه مالك الملك ذو الجلال والاكرام
بقلم / يسرا شتيوى
كاتبة روائية وناقد أدبى